أخي القارئ. هذه مجموعة من المعلومات المختصرة عن العصور الأدبية وفق تسلسلها أقدمها إليك للفائدة والمعرفة ،فأرجو أن تنال اهتمامك وتساعدك في دراستك. مدرس اللغة العربية هيسم محمد علي الفرج
(تاريخ الأدب)
الأدب:
أصل كلمة الأدب هو الدعاء . ومنه ( المأدبة) التي يدعى إليها الناس إلى الطعام.ومع مرور الزمن انتقلت دلالة اللفظة من معناها الحسي إلى المعنى المجرد ،وهو الدعوة إلى المحامد والنهي عن المقابح . وهكذا انطوت اللفظة على دلالة خُلقية هي التعليم والتهذيب والتثقيف . وبهذا المعنى وردت اللفظة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " أدّبني ربّي فأحسن تأديبي" .
وبقيت لفظة ( الأدباء) في القرن الثاني الهجري خاصة بالمؤدِّبين أي المعلمين ، لا تطلق على الكتّاب والشّعراء ، واستمرت لقباً على أولئك إلى منتصف القرن الثالث الهجري .
ثم أخذت ألفاظ ( الأدب والأدباء والمؤدّبين) تتخصّص ، وأخذ الناس يطلقون كلمة ( الأدباء) على الشعراء والكتّاب والمشتغلين بالمنظوم والمنثور.
وقال ابن خلدون : الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها ، والأخذ من كل علم بطرف.
وجاء في المعجم الأدبي " الأدب في معناه الحديث هو علم يشمل أصول فنّ الكتابة ، ويعنى بالآثار النثرية والشعرية ، وهو المعبّر عن حالة المجتمع البشري ، والمبين بدقة وأمانة العواطف التي تعتمل في نفوس شعب أو جيل من الناس أو أهل حضارة من الحضارات ".
**************************************************
العصور الأدبيّة:
لعل أهم ما في الدراسات الحديثة التنظيم والتقسيم ، فإنّ دراسة تاريخ مديد كتاريخ الأدب العربي ، عمره ستة عشر قرنا على الأقل ، لا تتمخض عن نتائج دقيقة ما لم يخضع تراثنا الأدبي الضخم لشكل من التقسيم ينتظم أغراضه وظواهره ،ويقسم تطوره إلى مراحل وعصور .
لهذا قسّم مؤرخو الأدب العربي تراثنا إلى أقسام وعصور، وهي:
1-العصر الجاهلي ، يبدأ قبل الإسلام بنحو قرن ونصف ،من أواخر القرن الخامس الميلادي .
2-عصر صدر الإسلام ، يبدأ مع الدعوة إلى الإسلام وفي زمن الخلفاء الراشدين.
3-العصر الأموي ، يبدأ مع بداية حكم الأمويين.
4- العصر العباسي ، يبدأ مع بداية حكم العباسيين ، وينقسم إلى قسمين: الأول والثاني.
5-العصر الأندلسي، يبدأ مع دخول العرب إلى الأندلس ، ويختص ببلاد الأندلس.
6-عصر الدول المتتابعة ،والدويلات العربية كالحمدانيين والفاطميين والعثمانيين وغيرهم.
7-عصر النهضة الحديثة ، يبدأ مع استقلال الدولة العربية عن الحكم العثماني.
************************************************** ************************************************** ************************************************** ******
(تاريخ الأدب)
العصر الجاهلي
الجاهلية
ذهب العلماء والمؤرخون مذاهب مختلفة في سبب إطلاق القرآن الكريم اسم الجاهلية على أحوال العرب قبل الإسلام ، فقد قيل إنها سميت كذلك لتفشي الوثنية والجهل في العرب ، وقيل به لانتشار العداوات وسفك الدماء ، وقيل إنها تدل على الخفة والأنفة والحمية والمفاخرة . وكانت هذه الصفات بارزة في سلوك العرب قبل الإسلام.
لقد جاء في القرآن الكريم وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر وكان قد عيّر رجلا بأمه: " إنك امرؤ فيك جاهلية".
وقال الشاعر عمرو بن كلثوم: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا .
***********************************************
الأدب الجاهلي
قلما انصرف العرب في الجاهلية إلى إتقان الفنون والخوض في ميادينه ، فقد وجّهوا همهم إلى فنّ القول للتعبير عن أحاسيسهم .إلا أن هذا الأدب قد غابت أوائله في مجاهل التاريخ فلم نعرف منه إلا ما كان من أواخر القرن الخامس للميلاد والنصف الأول من القرن السادس ، أي ما سبق ظهور الإسلام بنحو قرن ونصف قرن.
وما وصل إلينا إلا القليل ، حتى قال أبو عمرو بن العلاء:" ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلاّ أقلّه ، ولو جاءكم وافراً لجاءكم علمٌ وشعرٌ كثير".وأقدم شعر وصل إلينا ما قيل في حرب البسوس ، وهو شعر فيه استقامة في الوزن واللغة والبيان.ووصل إلينا عن طريق الرواة
والعلماء كحماد الراوية وخلف الأحمر والأصمعي وغيرهم.
ومن أعلام تلك الفترة غير شعراء المعلقات: الشنفرى وعروة بن الورد والمهلهل والمرقش والمثقب العبدي وقس بن ساعدة ولقيط بن زرارة وأكثم بن صيفي والخنساء والحطيئة .
***********************************************
المعلقات
هي قصائد طوال من أجود ما وصل إلينا من الشعر الجاهلي . وقد زعم ابن عبد ربه وابن رشيق إنها سبع قصائد أعجب العرب بها فكتبت في القباطي بماء الذهب وعُلّقت على أستار الكعبة . إلا أنّ بعض العلماء مثل النحاس قد قالوا إن تلك القصائد جمعها حماد الراوية (156هـ) في مطلع العهد العباسي . وتسمى ( المعلقات أو المذهبات أو السبع الطوال أو السموط). أما عددها فقد اختلف الرواة فيه أيضا ، من سبع إلى عشر قصائد .
وشعراؤها هم: امرؤ القيس – طرفة بن العبد- زهير بن أبي سلمى- لبيد بن ربيعة- عمرو بن كلثوم- عنترة العبسي- الحارث بن حلزة- النابغة الذبياني- الأعشى- عبيد بن الأبرص.
************************************************** ***********
(تاريخ الأدب)
عصر صدر الإسلام
يبتدئ بالهجرة النبوية من مكة وينتهي بقيام الدولة الأموية ، تعاقب فيه على خلافة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أربعة خلفاء: أبو بكر الصديق (11-13هـ) وعمر بن الخطاب(13-23هـ) وعثمان بن عفان(23-34هـ) وعلي بن أبي طالب( 34-40هـ).
القرآن الكريم والحديث الشريف
إنّ نصوص القرآن صريحة واضحة في أن سوره وآياته رُتّبت بوحي من الله تعالى إلى رسوله، وتلقاه عنه الصحابة على هذا النحو. وقد دوّن القرآن في عهد أبي بكر ، ونظمت قراءاته في عهد عثمان الذي أوصى بجمعه وحفظه في مصحف واحد. والحديث الشريف هو ما نسب إلى الرسول من قول أو عمل، وقد نقله عن النبي صحابته الذين سمعوا أقواله وشاهدوا أعماله، ثم جاء التابعون فلزموا الصحابة وسمعوا منهم ونقلوا عنهم.
أثر القرآن الكريم والحديث الشريف في الحياة واللغة والأدب:
على صعيد الحياة: لقد رفع الدين الجديد المستوى العقلي للعرب ، وغيّر الكثير من قيمهم وأخلاقهم، وحضّ على ترك التعصب ليبني مجتمعاً جديداً على أساس المساواة بين المؤمنين .
وعلى صعيد اللغة: وحّد اللغات العربية وأغنى اللغة بمدلولات جديدة ونشر اللسان العربي في العالم وأحاط اللغة بهالة من القدسية كونها لغة القرآن الكريم.
وعلى صعيد الأدب: كان القرآن الكريم أول وثيقة نثرية مكتوبة عدها الأدباء فيما بعد نموذجاً يحتذى في اللغة والأدب والبلاغة والفصاحة والأسلوب ، وتضمن بدايات القصة الفنية.
العوامل المؤثرة في الشعر في صدر الإسلام
1-الدين الإسلامي :كانت الروح السائدة في هذه الفترة هي روح الدين الإسلامي التي امتلكت النفوس ومواطن الحس فيها ، وصرفتها إلى الاندماج في الدين الجديد، ممّا انعكس في الشعر .
2-وحدة المسلمين :كانت الوحدة التي جمعت المسلمين تحت رايتها وأنستهم ما كان بينهم في الجاهلية من تنافس وتناحر عاملاً قوياً مؤثراً في الشعر .
3-القرآن الكريم والحديث الشريف :كانا عاملين مؤثرين في الشعر ومنبعين استقى منهما الشعراء الكثير من المعاني والألفاظ والأساليب والتشبيهات .
4-تنوع أساليب الحياة ثقافياً وسياسياً واتساع مناحيها :وقد تأثر الشعراء بهذه الحياة مما انعكس أثره في الشعر .
الإسلام والشعر:
هناك اعتقاد ساد هو أنّ الشعر قد خبت جذوته بعد الإسلام ، فقلّ عدد الشعراء وتضاءل إنتاجهم ، وعزف الناس عن ذلك الفن الذي طالما استأثر باهتمامهم . وقد جهد الدارسون في إثبات بطلان هذا الزعم فرووا ما في كتب الأدب والتاريخ من حقائق تثبت الدور الكبير الذي نهض به الشعر في الخصومة بين المسلمين والكفار ، واستماع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى الشعراء المسلمين ، وحثهم على المضي فيه دفاعاً عن الإسلام وهجوماً على خصومه،كما ذكر الدارسون ما كان للفتوح الإسلامية من أثر في إذكاء روح الشعر عند كثير من المقاتلين حتى تركوا تراثاً ضخماً من القصائد والمقطوعات الشعرية.
ومن شعراء تلك المرحلة: حسان بن ثابت وكعب بن زهير .
(تاريخ الأدب)
-العصر الأموي: ( 41-142 هـ - 661-749م)-
يبدأ هذا العصر بانتقال الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان وينتهي بقيام الدولة العباسية.
وتعاقب على سدة الخلافة الأموية أربعة عشر خليفة ينتمون إلى البيت السفياني والبيت المرواني. وما إن قضى العباسيون على الدولة الأموية في الشرق حتى انتقل الأمويون إلى الأندلس وحكموها ( 138-442هـ - 756-1031م) ، وكان منهم ستة عشر خليفة.
امتاز العصر الأموي باضطراب الأحوال السياسية ونشوء الأحزاب والصراع فيما بينها وجعل نظام الخلافة وراثياً . ولجأ الأمويون إلى سياسة التفريق بين العرب فأحيوا العصبية القبلية ، وحصل تمازج بين الشعوب ، وقد عرفت الحياة الاجتماعية وبفضل تمازج الشعوب ملامح جديدة لا تخلو من التعقيد الحضاري ومن أبرز مظاهرها التغيّر في طرائق المعاش من سكن ولباس وطعام وشراب وتقاليد اجتماعية.
وعرفت البيئة الأموية استمرارا للفكر العربي الموروث من الجاهلية وازدهارا للفكر الإسلامي المتمثل بعلوم القرآن والحديث والفقه والتفسير والدراسات اللغوية كالنحو والبيان وسواها.
************************************************** ************************************************** ************************************************** **
الأدب في العصر الأموي:
ازدهر الأدب في هذا العصر شعرا ونثرا،وأصبح للشعر في هذا العصر مكانة كبيرة ، فازدهر وظهرت فيه أغراض جديدة. ومن عوامل ازدهار ه: ( ظهور الأحزاب والفرق ، وتشجيع الخلفاء، وعودة العصبيات ،وظهور شعر الغزل بنوعيه).
أما الأغراض القديمة فمنها : ( المدح والهجاء ) .
وأما الأغراض الجديدة فمنهاالشعر السياسي وشعر الغزل :الحسي والعذري).
************************************************** ************************************************** ************************************
ومن خصائص أسلوب الشعر:
- سهولة الألفاظ والتراكيب و لا سيما في شعر الغزل.
-التأثر بالقرآن الكريم من حيث الألفاظ والمعاني والأفكار والأسلوب.
-طول القصائد والـتأثر بالحياة الجديدة المترفة.
أما النثر فقد عرف ازدهارا عن طريق الخطابة والكتابة الديوانية والترسل . وكانت الثقافات الجديدة من أبرز عوامل نهضته بالإضافة إلى أثر القرآن الكريم والحديث الشريف.
ومن أشهر أعلام هذا العصر: جرير والأخطل والفرزدق والحجاج وزياد بن أبيه وعبد الحميد الكاتب والعجاج وعبد الله بن الزبير وعمر بن أبي ربيعة وقطري بن الفجاءة وكثير عزة وقيس بن الملوح ومجنون ليلى .
************************************************** ******************
(تاريخ الأدب)
العصر العباسي الأول
استمر الحكم الأموي نحو قرن من الزمان ثم غربت شمس الخلافة الأموية عام 132هـ بعد أن أجهدتها الصراعات القبلية والفتن السياسية التي دبرتها الفئات المعارضة ،وتسلم العباسيون الحكم . وامتد العصر العباسي الأول حوالي مئة عام ،ساد فيها النفوذ الفارسي ثم النفوذ التركي. وانتهى العصر العباسي بهجوم المغول على بغداد سنة 656هـ وتصفية الخلافة العباسية.
لقد استغل العباسيون الأحوال السياسية والاجتماعية في العصر الأموي فاتصلوا بالفرس حيث نشروا دعوتهم في خراسان مستفيدين من نقمة الفرس على الأمويين . وكان قيام الدولة العباسية على يد الفرس إيذانا بتطور كبير في تاريخ الدولة العباسية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وعلمياً .فنقلوا حاضرة الدولة من دمشق إلى بغداد واتخذوا من الفرس الوزراء وقادة الجيش والولاة والحجّاب ، وجعلوا النظام الإداري للدولة فارسياً . وساد النظام الفارسي حياة الناس في الطعام والشراب ومجالس الغناء ومظاهر الترف . وكان من أهم التطورات الرقي الثقافي وتمازج الثقافات العربية والفارسية واليونانية والهندية والسريانية وغيرها.
************************************************** ************************************************** ************************************************** ***
وكان لهذه الثقافات أثر واضح في الحياة الأدبية:
ففي الأسلوب هجروا الغريب وهذّبوا التراكيب واستخدموا البديع.
وفي المعاني ولّدوا المعاني الحضرية واقتبسوا الأفكار الفلسفية.
وفي الأغراض وصفوا الرياض والصيد وتغزّلوا ووعظوا وتفلسفوا وضبطوا العلوم كالنحو .
************************************************** ************************************************** ************************************************** ****
ومن عوامل ازدهار الشعر في هذا العصر:
1- هجرة كثير من شعراء البادية إلى الحضر.
2- الامتزاج الشديد بين أبناء الأمة ونشأة جيل جديد .
3- الرقي الحضاري ومباهج الحياة.
4- تشجيع الخلفاء للشعر وتقديرهم للشعراء.
5- الاعتماد على الشعر في السياسة.
6- الرقي الثقافي عن طريق التأليف والترجمة.
وبلغ النثر في هذا العصر رتبة رفيعة من حيث الصياغة والمضمون وأصبح قادرا على الإفصاح عن أدق المعاني الفلسفية والأدبية والعلمية .
************************************************** ************************************************** ************************************************** ************************************************** ******************************
ومن أشهر أعلام هذا العصر: بشار بن برد وأبو نواس ومسلم بن الوليد والحسين بن الضحاك وعبد الله بن المقفع وسهل بن هارون وأبو تمام والبحتري وأبو العتاهية ودعبل الخزاعي وابن الرومي وابن المعتز.
(تاريخ الأدب)
العصر العباسي الثاني
مع بداية القرن الرابع الهجري طرأت أحداث جسام قلّلت من هيبة حكومة بني العباس التي اتخذت من بغداد عاصمة لها ، فقد سيطر الأتراك على الفرس والعرب بعد أن استعان بهم المعتصم فخسر الخلفاء العباسيون نفوذهم ، وقتل الأتراك الخليفة المتوكل سنة 247هـ،فانحلت الدولة العباسية شيئا فشيئاً واندكت أركان الإمبراطورية العربية الكبرى فسقطت هيبة الخلافة وعجز السلطان المركزي عن جمع أطرا الدولة ،واستمرت الفتن والصراعات السياسية والاجتماعية لمدة قرنين ونصف ومن أبرزها ثورة الزنج سنة 257هـ ثم تلتها حركة القرامطة سنة 277هـ . وانقسمت الدولة العباسية إلى دويلات ومنها: الطولانية والإخشيدية في مصر والحمدانية في حلب والفاطمية في شمال إفريقيا ومصر والبويهية في فارس والعراق والغزنوية في أفغانستان والهند.
وتوضحت ملامح طوائف المجتمع : طبقة الخلفاء والأمراء وكبار رجال الدولة ، وطبقة التجار والصناع ورجال الجيش والعلم والشعراء ، وطبقة عامة الشعب. وقد غلب طراز الحياة الفارسية على هذا العصر غلبة ظاهرة عامة شاملة واتسع اللهو وتعددت أنواعه وخرج في كثير من وجوهه إلى الاستهتار والمجون فاهتزت الدولة بعنف وانتشرت اللصوصية وأثيرت الفتن وظهر في هذا العصر الزهد والتصوف بين العامة كرد فعل على موجات المجون واللهو.
أما من الوجهة الفكرية فقد كان القرن العاشر من أزهى العصور العربية نضوج فكر ورقي عقل .وقد أخذت الحضارة العباسية تؤتي ثمارها في كل فرع من فروع العلم والفلسفة والأدب والفن .وتعدد الأدباء في تلك الحقبة ، وغدت الكتابة أشبه بزي مستظرف يأخذ به كل متأدب .
وتبع هذا الازدهار نزعة شديدة إلى التقليد امتازت بالجمود فقيدت القرائح شيئا فشيئاً . وأخذ الشعر يتقلّب على الخواطر المعهودة فشاع تحوير المعاني القديمة وذاعت السرقات الشعرية وفشا الاقتباس والتضمين في الكتابة ،وانتشر الشعر الصوفي والفخري والحماسي والدهريات.
أما الكتّاب فراحوا يصرفون عنايتهم إلى المفردات وطرائق التعبير المعقدة وأغرقوا في التصنع. كما انصرف العرب في شعرهم عن الوجهة الفلسفية والعلمية والتحليلية ، وتقدير النقّاد للأسلوب تقديراً مفرطاً حتى بات الأسلوب عندهم قوام الأدب الأكبر.
ومن أغراض الشعر الجديدة في هذا العصر: شعر الحكمة والفلسفة والتصوف وشعر التهكم والهزل وشعر الإخوانيات وشعر الدهريات ووصف الرياض والفواكه والأطعمة ووصف الحرب.
ألفاظ الشعر ومعانيه: كانت معاني الشعر في بداية هذا العصر قوية وأخيلته جميلة وفيها ترتيب منطقي وجدّة وابتكار كما في شعر المتنبي والمعري ، ثم ضعفت إلى حد السطحية وكثرت عنايتهم بالبديع حتى انتهى الشعر إلى الضعف في العصر العثماني. أما الألفاظ فقد كانت قوية جزلة ثم اصابتها الركاكة وأثقلتها الزينة اللفظية والمحسنات المتكلفة .
************************************************** ************************************************** ************************************************** ****
ومن أشهر الكتاب والشعراء: الجاحظ و ابن قتيبة وابن العميد والهمذاني والخوارزمي والأصفهاني وأبو الطيب المتنبي وأبو فراس الحمداني وأبو العلاء المعري والشريف الرضي ومهيار الديلمي وابن الفارض وعلي بن الجهم وابن الرومي وابن المعتز والصنوبري والحلاج .
(تاريخ الأدب)
العصر الأندلسي
أطلق العرب اسم الأندلس على البلاد التي افتتحوها في جزيرة إيبيرية على يد موسى بن نصير وطارق بن زياد .فكانت الأندلس من أنضر البقاع الإسلامية ، فجوّها معتدل وأرضها خصبة ومياهها غزيرة وسهولها خضراء .وكانت الحركة التجارية واسعة النطاق على الرغم من الحروب والثورات . أما البيئة الاجتماعية فقد كوّنها عاملان : اختلاط العرب بالشعوب الأخرى والرغبة في محاكاة الشرق.فكانت حياة العرب الاجتماعية في الأندلس مزيجا من حياة الأندلسيين وحياة المشرقين، وقد شاع فيها الترف واللهو والغناء شيوعا عظيما. وكانت اللغة العربية لغة البلاد الرسمية وأنشئت معاهد للعلم .فكانت قرطبة وغرناطة وطليطلة وإشبيلية من مراكز العلم والأدب.فقد نزح الأدب العربي إلى الأندلس فظهرت فيه آثار البيئة الجديدة بما فيها من سحر الجمال الطبيعي والتمازج بين الشعوب والثقافة العالية فنبغ جمهور من الشعراء والكتّاب خلّفوا للأدب تراثا لا يستهان به .
************************************************** ***************************
وقد تطور الشعر الأندلسي في ثلاث مراحل:
1- شعر التقليد في العهد الأموي ويظهر عند ابن عبد ربه وابن هانئ وابن شهيد.
2- بدء التحرر في القرن الحادي عشر الخامس للهجرة ويظهر عند ابن زيدون وابن عمار.
3- شعر التجديد في القرن الثاني عشر السادس للهجرة ويظهر عند ابن حمديس وابن خفاجة.
************************************************** ***************************
ومن أغراض الشعر الأندلسي: المدح والرثاء والهجاء والغزل ،وتوسعوا في الوصف وتشخيص الطبيعة و ورثاء الممالك الزائلة والشكوى والاستنجاد والموشحات .
************************************************** ***************************
معاني الشعر: أفاد الأندلسيون من معاني المشارقة ثم أدخلوا معاني جديدة في أشعارهم وبخاصة في فن الموشحات ونلمس النفحة الدينية في شعر الحكمة والزهد وبعض المعاني الفلسفية ، وأكثروا من الصور البيانية وارتياد أجواء الطبيعة حيث اتخذوا من الطبيعة إطاراً للهوهم ومنطلقا لأحلامهم ومادة لزخرفة شعرهم.
************************************************** ***************************
الألفاظ والأساليب: اتسمت بجودة الألفاظ ورقة الأسلوب والتأنق في اختيار الكلمات واستخدام الرموز البعيدة المرامي والإغراق في الصنعة البديعية وقلة الدخيل لعدم شيوع الثقافات الأجنبية في الأندلس والملاءمة بين الأغراض والألفاظ والأساليب.
************************************************** ***************************
الموسيقى الشعرية: التزم الأندلسيون في مرحلة المحاكاة بموسيقى الشعر التي تعتمد وحدة الوزن والقافية كما في شعر الرندي وابن حمديس وابن هانئ. ثم في المرحلة التجديدية جددوا في البناء الموسيقي حيث ابتدع فن الموشحات فتنوعت القوافي وجددوا في الأوزان واختيرت الأوزان الرقيقة المناسبة للغناء ولطبيعة بلاد الأندلس المترفة.
************************************************** ***************************
ومن أشهر أعلام هذا العصر: ابن زيدون وابن عبد ربه وابن هانئ وابن شهيد وابن حمديس الصقلي وابن خفاجة وابن سهل ولسان بن الخطيب وابن حزم .
(تاريخ الأدب)
عصر الدول المتتابعة
يعرف هذا العصر عند الدارسين بالعصر المغولي وبالعصر المملوكي وبالعصر العثماني .ويمتد نحوا من ستة قرون تبدأ بسقوط بغداد في يدي هولاكو قائد المغول (656هـ- 1213م) وينتهي بالحملة الفرنسية على مصر بقيادة بونابرت( 1285هـ- 1798م). وينقسم قسمين:
الأول: العصر المغولي ويبدأ بغارة التتار المغوليين على عاصمة الدولة العباسية وما تبع ذلك من تدمير وخراب وقتل وتشريد وإحراق للمكتبات وهدم للمدارس والمعابد ، وينتهي بانهيار دولة المماليك على يد العثمانيين بقيادة السلطان سليم (923هـ- 1517م) وذلك في معركة مرج دابق قرب حلب.
الثاني : العصر العثماني ويبدأ بانتصار العثمانيين على المماليك ويستمر ثلاثة قرون لينتهي بحملة نابليون على مصر سنة 1798م.
************************************************** ***************************
وقد عانت البلاد العربية في ظل الأوضاع السياسية المتردية من الغزو المغولي والغزو العثماني من الظلم والفقر والقلق والحرمان وانتشرت الأمراض والأوبئة.
وسمي هذا العصر عند بعضهم بعصر الانحطاط وأهم أسباب الضعف والانحطاط: ضعف القدرة على التوليد والابتكار في الحياة الأدبية وفساد ملكة اللغة العربية وتردي اللغة الفصحى وخمود قرائح الشعراء وانطفاء جذوة المشاعر الصادقة .
وهكذا أصبح الشعر صناعة لفظية بعد أن كان قريحة فطرية واختلط الشعر بالنثر وقلما نبغ شاعر لم يشتغل بغير الشعر ، وابتذلت الصناعة الشعرية وتعاطاها الناس لقضاء ساعات الفراغ وكثر الناظمون من الباعة وأرباب الحرف كالخياطين والنجارين .
أما الأغراض الشعرية فقد ظلت في إطار الأبواب التقليدية تتناول الغزل والمديح والرثاء ، وقد ساعدت الأوضاع السياسية والاجتماعية السيئة في اتساع نطاق شعر الزهد والتصوف والمدائح النبوية.
************************************************** ***************************
وعلى الرغم من أن هذا العصر كان في بدايته وبالا على المكتبة العربية فقد بدد المغول نفائس المصنفات وأحرقوا الكتب والمكتبات وشردوا رجال العلم وتلبدت سماء الأدب وعميت الأبصار وضلت القرائح لولا ومضات تألقت لتسفر عن بعض العبقريات العربية مثل ابن خلدون
ولم يخل هذا العصر من مظاهر الازدهار في حركة التصنيف وإحياء معالم التراث ، إذ كان هم أصحاب الأدب الجمع لا الإبداع ويبدو أن هذا العصر كان عصر الموسوعات نتيجة حرص العلماء والأدباء على جمع أشتات العلوم والآداب العربية .
ومن مشاهير العلماء والمؤرخين والأدباء في هذه الفترة: الزمخشري صاحب كتاب
( علوم القرآن) وابن منظور صاحب كتاب ( لسان العرب) وابن الأثير صاحب كتاب ( الكامل في التاريخ) وياقوت الحموي صاحب كتاب ( معجم الأدباء) .
ومن أشهر أعلام هذا العصر: صفي الدين الحلي وابن نباتة والقلقشندي والفيروزآبادي والجوهري وابن خلدون