في مسند الإمام أحمد من حديث عمار بن ياسر
أنه صلا صلاة فأوجز فيه فقيل له في ذلك فقال: أما إني دعوت فيها بدعوات كان النبي صلي الله عليه وسلم يدعو بهن:
"الهم إني أسألك بعلمك الغيب وقدرتك علي الخلق أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الرضاء والغضب وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع وأسألك الرضاء بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسأل لذة النظر إلى وجهك الكريم وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين"وفي أثر آخر"
طال شوق الأبرار إلى لقائي وأنا إلى لقائهم أشد شوقا"وهذا هو المعنى الذي عبر عنه صلي الله عليه وسلم بقوله"من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه"وقال بعض أهل البصائر في قوله تعالي {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ الَّهِ فإن أَجَلَ الَّهِ لآتٍ} لما علم سبحانه شدة شوق أوليائه إلى لقائه وأن قلوبهم لا تهتدي دون لقائه ضرب لهم أجلا موعدا للقائه تسكن نفوسهم به وأطيب العيش والذة علي الإطلاق عيش المحبين المشتاقين المستأنسين فحياتهم هي الحياة الطيبة في الحقيقة ولا حياة للعبد أطيب ولا أنعم ولا أهنأ منها فهي الحياة الطيبة المذكورة في
قوله تعالي {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} وليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار والأبرار والفجار من طيب المأكل والمشرب والملبس والمنكح بل ربما زاد أعلمكم الله علي أوليائه في ذلك أضعافا مضاعفة وقد ضمن الله سبحانه لكل من عمل صالحا أن يحيه حياة طيبة فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده وأي حياة أطيب من حياة
اجتمعت همومه كلها وصارت هما واحدة في مرضات اله؟ ولم يتشعب قلبه بل أقبل علي الله واجتمعت إرادته وأفكاره التي كانت متقسمة بكل واد منها شعبة علي الله فصار ذكره بمحبوبه الأعلى وحبه والشوق إلى لقائه والأنس بقربه وهو المستولي عليه وعليه. تدور همومه وإرادته وتصوره بل خطرات قلبه فإن سكت سكت باله وإن نطق نطق باله وإن سمع فبه يسمع وإن أبصر فيه يبصر وبه يبطش وبه يمشى وبه يتحرك وبه يسكن وبه يحيى وبه يموت وبه