. وقال(عليه السلام): في الذين اعتزلوا القتال معه: خَذَلُوا الْحَقَّ، وَلَمْ يَنْصُرُوا الْبَاطِلَ.
. وقال(عليه السلام): مَنْ جَرَى فِي عِنَانِ(1) أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ(2).
. وقال(عليه السلام): أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ(3)، فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلاَّ وَيَدُهُ بِيَدِ اللهِ يَرْفَعُهُ. وقال(عليه السلام): قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ(4)، وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ(5)، وَالْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ.
____________
1. العِنان ـ ككتاب ـ: سِير اللجام تُمْسك به الدابة.
2. عَثرَ بأجلَِه: المراد أنه سقط في أجَلِهِ بالموت قبل أن يبلغ ما يريد.
3. العَثْرَة: السَقْطَة، وإقالة عَثْرَتِه: رَفْعُهُ من سقطته. والمُرُوءة ـ بضم الميم ـ: صفة للنفس تحملها على فعل الخير لانه خير.
4. قُرِنَتِ الهَيْبةُ بالخَيْبَة: أي من تهيّب أمراً خاب من إدراكه.
. الحياء بالحرمان أي: من أفرط به الخجل من طلب شيء حرم منه.
. وقال(عليه السلام): لَنَا حَقٌّ، فَإِنْ أُعْطِينَاهُ، وَإِلاَّ رَكِبْنَا أَعْجَازَ الاِْبِلِ، وَإِنْ طَالَ السُّرَى. و هذا القول من لطيف الكلام وفصيحه، ومعناه: أنّا إن لم نعط حقّنا كنا أذلاّء، وذلك أن الرديف يركب عجُزَ البعير، كالعبد والاسير ومن يجري مجراهما.
. وقال(عليه السلام): مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ،
. وقال(عليه السلام): مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمكْرُوبِ.
. وقال(عليه السلام): يَابْنَ آدَمَ، إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ.
. وقال(عليه السلام): مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ.
. وقال(عليه السلام): امْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ(1).
. وقال(عليه السلام): أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.
____________
1. امْشِ بدائكَ أي: مادام الداء سهل الاحتمال يمكنك معه العمل في شؤونك فاعمل، فان أعياك فاسترح له.
وقال(عليه السلام): إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَار(1)، وَالْمَوْتُ فِي إِقْبَال(2)، فَمَا أسْرَعَ الْمُلْتَقَى!
وقال(عليه السلام): في كلام له: الْحَذَرَ الْحَذَرَ! فَوَاللهِ لَقَدْ سَتَرَ، حتَّى كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ.
. وسُئِلَ(عليه السلام) عَنِ الاِْيمَانِ، فَقَالَ: الاِْيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى الصَّبْرِ، والْيَقِينِ، وَالْعَدْلِ، وَالْجَهَادِ:
فَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلَى أَربَعِ شُعَب: عَلَى الشَّوْقِ، وَالشَّفَقِ(3)، وَالزُّهْدِ، وَالتَّرَقُّبِ: فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلاَ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ الْـمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَهَانَ بِالْمُصِيبَاتِ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.
وَالْيَقِينُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ(4)، وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ(5)، وَسُنَّةِ الاَْوَّلِينَ(6): فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ، وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الاَْوَّلِينَ.
____________
1. كنت في إدْبَار أي: تركت الموت خلفك وتوجّهت اليه ليلحق بك.
2. الموت في إقْبَال أي: توجه إليك بعد أن تركته خلفك.
3. الشّفَق ـ بالتحريك ـ: الخوف.
4. تأوّل الحكمة: الوصول إلى دقائقها.
5. العِبْرَة: الاعتبار والاتعاظ.
6. سُنّة الاوّلين: طريقتهم وسيرتهم.
--------------------------------------------------------------------------------
وَالْعَدْلُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى غائِصِ الْفَهْمِ، وَغَوْرِ الْعِلْمِ(1)، وَزُهْرَةِ الْحُكْمِ(2)، وَرَسَاخَةِ الْحِلْمِ: فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحُكْمِ(3)، وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً.
وَالْجِهَادُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الاَْمْرِ بالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَنِ الْمُنكَرِ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ(4)، وَشَنَآنِ(5) الْفَاسِقيِنَ: فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤمِنِينَ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْمُنَافِقِينَ،مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ شَنِىءَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لله غَضِبَ اللهُ لَهُ وَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
____________
1. غَوْر العلم: سرّه وباطنه.
2. زُهْرَة الحكم ـ بضم الزاي ـ أي: حُسْنه.
3. الشرائع ـ جمع شريعة ـ: أصلها مورد الشاربة، والمراد ـ هنا ـ الظاهر المستقيم من المذاهب، وصدرعنها أي: رجع عنها بعد ما اغترف ليفيض على الناس مما اغترف فيحسن حكمه.
4. الصدق في المَوَاطِن: مواطن القتال في سبيل الحق.
5. الشَنَآن ـ بالتحريك ـ: البغض.
وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى التَّعَمُّقِ(1)، وَالتَّنَازُعِ، وَالزَّيْغِ(2)، وَالشِّقَاقِ(3): فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ(4) إِلَى الْحَقِّ، وَمَنْ كَثُرَ نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلاَلَةِ، وَمَنْ شَاقَّ وَعُرَتْ(5) عَلَيْهِ طُرُقُهُ وَأَعْضَلَ(6) عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَضَاقَ مَخْرَجُهُ.
وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الَّتمارِي(7)، وَالهَوْلِ(
، وَالتَّرَدُّدِ(9)
____________
1. التَعَمّق: الذهاب خلف الاوهام على زعم طلب الاسرار.
2. الزَيْغ: الحَيَدَان عن مذاهب الحق والميل مع الهوى الحيواني.
3. الشِقَاق: العِناد.
4. لم يُنِبْ أي: لم يرجع، أناب يُنِيب: رجع.
5. وَعُرَ الطريقُ ـ كَكَرُمَ ووَعَدَ ووَلِعَ ـ: خَشُنَ ولم يسهل السير فيه.
6. أعْضَلَ: اشتدّ وأعجزت صعوبته.
7. التَمَارِي: التجادُل لاظهار قوة الجدل لا لاحقاق لحق.
8. الهَوْل ـ بفتح فسكون ـ: مخافتك من الامر لا تدري ما هجم عليك منه فتدهش.
9. الترَدّد: انتقاض العزيمة وانفساخها ثم عودها ثم انفساخها.
---------------------------------------------------------------------------------
والاْسْتِسْلاَمِ(1): فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ(2) دَيْدَناً(3) لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ(4)، وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ(5)، وَمَن تَرَدَّدَ فِي الرَّيْبِ(6) وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ(7)، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا. و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب.
28. وقال(عليه السلام): فَاعِلُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ، وَفَاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ.
____________
1. الاسْتِسْلام: إلقاء النفس في تيار الحادثات.
2. المِرَاء ـ بكسر الميم ـ: الجدال.
3. الدَيْدَن: العادة.
4. لم يصبح ليله أي: لم يخرج من ظلام الشك إلى نهار اليقين.
5. نَكَصَ على عَقِبَيْه: رجع متقهقراً.
6. الرَيْب: الظنّ، أي الذي يتردد في ظنه ولا يعقد العزيمة في أمره.
7. سَنَابِكُ الشياطين: جمع سُنْبُك بالضم، وهو طَرَف الحافر; ووطئته: داسته، أي تستنزله شياطين الهوى فتطرحه في الهَلَكة.
-----------------------------------------------------------------------------------
وقال(عليه السلام): كُنْ سَمَحاً وَلاَ تَكُنْ مُبَذِّراً، وَكُنْ مُقَدِّراً(1) وَلاَ تَكُنْ مُقَتِّراً(2).
. وقال(عليه السلام): أَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنى(3).
. وقال(عليه السلام): مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا فِيهِ [بـ] ما لاَ يَعْلَمُونَ.
. وقال(عليه السلام): مَنْ أَطَالَ الاَْمَلَ(4) أَسَاءَ الْعَمَلَ.
. وقال(عليه السلام) وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الانبار(5)، فترجّلوا له(6) واشتدّوا(7) بين يديه:
مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ؟
____________
1. المُقَدّر: المُقْتَصِد، كأنه يقدّر كل شيء بقيمته فينفق على قدره.
2. المُقَتّر: المُضَيّق في النفقة، كأنه لا يعطي إلاّ القتر، أي الرمقة من العيش.
3. المُنى: جمع مُنْيَة، وهي ما يتمناه الانسان لنفسه، وفي تركها غنى كامل، لان من زهد شيئاً استغنى عنه.
4. طول الامَل: الثقة بحصول الاماني بدون عمل لها.
5. الدَهَاقِين: جمع دِهْقان، وهو زعيم الفلاحين في العَجَم. والانْبار: من بلاد العراق.
6. تَرَجّلُوا أي: نزلوا عن خيولهم مُشاةً.
7. اشتدّوا: أسرعوا.
فقالوا: خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا.
فقال(عليه السلام): وَاللهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهذَا أُمَرَاؤُكُمْ! وَإِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ(1) بِهِ عَلَى أَنْفُسِكْمْ [فِي دُنْيَاكُمْ،] وَتَشْقَوْنَ(2) بِهِ فِي آخِرَتِكُمْ، وَمَا أخْسرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ، وَأَرْبَحَ الدَّعَةَ(3) مَعَهَا الاَْمَانُ مِنَ النَّارِ!
وقال(عليه السلام): لابنه الحسن(عليه السلام): يَا بُنَيَّ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً، لاَ يَضُرَّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ:
إِنَّ أَغْنَى الْغِنَىُ الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ(4)، وَأَكْرَمَ الْحَسَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ.
يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الاَْحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُريِدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ.
وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ.
وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ(5).
____________
1. تَشُقُّون ـ بضم الشين وتشديد القاف ـ: من المشقّة.
2. تَشْقَوْن الثانية ـ بسكون الشين ـ: من الشقاوة.
3. الدَعَة ـ بفتحات ـ: الراحة.
4. العُجْب ـ بضم فسكون ـ: الاعجاب بالنفس، ومن أعجب بنفسه مقته الناس، فلم يكن له أنيس وبات في وحشة دائمة. 5. التافه: القليل.
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ(1): يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.
. وقال(عليه السلام): لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ(2) إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ.
. وقال(عليه السلام): لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الاَْحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ. و هذا من المعاني العجيبة الشريفة، والمراد به أنّ العاقل لا يطلق لسانه إلاّ بعد مشاورة الرَّوِيّةِ ومؤامرة الفكرة، والاحمق تسبق خذفاتُ(3) لسانه وفلتاتُ كلامه مراجعةَ فكره(4) ومماخضة رأيه(5)، فكأن لسان العاقل تابع لقلبه، وكأن قلب الاحمق تابع للسانه.
____________
1. السَرَاب: ما يراه السائر الظمآن في الصحراء فيحسبه ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
2. النوافِل: جمع نافلة، وهي ما يتطوع به من الاعمال الصالحات زيادة على الفرائض المكتوبة، والمراد أن المتطوّع بما لم يكتب عليه لا يقربه إلى الله تطوّعه إذا قصّر في أداء الواجب.
3. ورد في بعض النسخ: حذفات.
والخذف: القذف.
وحذفات اللسان: ما يلقيه الاحمق من العبارات العجلى بدون روية ولا تفكير.
4. مراجَعَة الفِكر أي: التروي فيما سبق به اللسان.
5. مُمَاخَضَة الرأي: تحريكه حتى يظهر زُبْده، وهو الصواب.
--------------------------------------------------------------------------------
1. التافه: القليل.
. وقد روي عنه(عليه السلام) هذا المعنى بلفظ آخر، وهو قوله: قَلبُ الاَْحْمَقِ فِي فِيهِ، وَلِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ.
ومعناهما واحد.
وقال(عليه السلام) لبعض أَصحابه في علّة اعتلّها: جَعَلَ اللهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حطّاً لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ، وَلكِنَّهُ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ، وَيَحُتُّهَا حَتَّ(1) الاَْوْرَاقِ، وَإِنَّمَا الاَْجْرُ فِي الْقَوْلِ بِالّلسَانِ، وَالْعَمَلِ بِالاَْيْدِي وَالاَْقْدَامِ، وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبَادِهِ الْجَنَّةَ. و أقول: صدق(عليه السلام)، «إنّ المرض لا أجر فيه»، لانه من قبيل ما يُستحَقّ عليه العوض، لان العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد، من الالام والامراض، وما يجري مجرى ذلك،الاجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بينه(عليه السلام)، كما يقتضيه علمه الثاقب رأيه الصائب.
. وقال(عليه السلام) في ذكر خباب بن الارتّ: يَرْحَمُ اللهُ خَبَّاباً، فَلَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً، وَهَاجَرَ طَائِعاً، [وَقَنِعَ بالْكَفَافِ(2)، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ،] وَعَاشَ مُجَاهِداً.
طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ، وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ.
____________
1. حَتّ الورق عن الشجرة: قَشْرُهُ، والصبر على العلّة: رجوع إلى الله واستسلام لقدره، وفي ذلك خروج اليه من جميع السيئات وتوبة منها، لهذا كان يَحُتّ الذنوب.
2. الكفاف: العيش الوسط الذي يكفي الانسان حاجاته الاصلية