تطور الدماغ عند الانسان، إينشتاين نموذجاً
في مجرى محاولة الدينيين للتلائم مع المعطيات العلمية، يدعي بعضهم ان عقل الانسان استثناء عن التتطور ودليل على الخلق. غير ان المعطيات العلمية تثبت ان دماغ الانسان ليس استثناء وهو خضع ولازال لعملية تتطور دائمة ومستمرة، مثله مثل اي شئ اخر في هذا الكون.
من جميل "الصدفة" ان دماغ اينشتاين قد تم حفظه مباشرة بعد موته من اجل اجراء الاختبارات عليه فيما بعد. كان العلماء يناقشون إمكانية الحصول على جواب عن اسباب ذكاء اينشتاين وفيما إذا كان دماغه سيعطينا الجواب على تساؤلاتنا.
الان استطاع العلماء الكنديين الوصول الى اثباتات تشير الى ان دماغ اينشتاين كان بالفعل مختلف الادمغة العادية. لقد ظهر في دماغه ثلاث اختلافات اناتومية عن الدماغ العادي (جرت المقارنة مع مجموعة ادمغة تعود الى 35 رجل 56 امرأة) .
الاختلاف كان بالمقارنة مع جميع الادمغة بدون استثناء، في منطقة هياسل الدماغية الخاصة بخاصية التفكير الرياضي والتصور الثلاثي الابعاد. والصورة ترينا دماغ اينشتاين ( الى الاعلى) بالمقارنة مع دماغ نمطي لانسان عادي.
الاختلاف الاول ان دماغ اينشتاين كان في منطقة هياسل اعرض 15% عن مجموعة المقارنة. الاختلاف الثاني كان لوجود تناظر في الحجم واضح بين طرفي جبهة هياسل، في الوقت الذي لايوجد هذا التناظر عند الناس
الطبيعيين. الاختلاف الثالث افتقاد منطقة هياسل الدماغية عند اينشتاين للالتفافات الدماغية في قسم من منطقة هياسل الظاهرة بالخط الاحمر. الباحثين يعتقدون ان عدم وجود الالتفافات الدماغية في هذه المساحة، يمكن ان تكون سببا في اعطاء ارتباط افضل للخلايا العصبية في المنطقة المعنية.
التشكل الاناتومي الفريد لهذه المنطقة مرتبط بالواجبات المعقدة والمميزة التي تقوم بها هذه المنطقة. ، وخصوصا التفكير الرياضي والتجريدي والمتعدد الابعاد. دماغ اينشتاين كان يتتطابق تماما مع التعامل مع هذه القضايا بأفضل السبل، مما ظهر بوضوح في قدراته الفردية المميزة في تشكيل نظرية النسبية، والتعاطي مع فهم قضايا فيزياء الضوء.
هل يمكن اعتبار هذا التغيير شكلا من اشكال تتطور دماغ البشرية؟
في المجتمعات القديمة كانت التغيرات الجسمية والعقلية تنعكس بصورة مباشرة على القدرة على التنافس وبالتالي على البقاء. بمعنى اخر ان حصول احد الافراد الذكور على خاصية مميزة ومتفوقة امام الافراد الاخرين تعطيه القدرة على البروز مما يحسن قدراته على البقاء حيا ونقل مورثاته الى إناث اكثر، الامر الذي يجعل الصفات الجديدة اكثر انتشارا ضمن مجموعته العرقية ويؤدي الى الانتشار والانتصار.، واختفاء الصفات الاقل حظا.
اليوم لاتعني المميزات الجيدة التي تقدمها الطفرة لاحد الافراد نفس المعاني السابقة في المجتمعات القديمة. لايوجد صراع على البقاء، والنوع ذو الصفات الاسوء ليس معرضا للموت نتيجة لذلك. من هنا فأن الصفات الجديدة لن تنشر وتنتصر وتسود كما كان سيحدث في المجتمعات البدائية الاولى. إن الصفة الجديدة ستبقى ضمن مجموعة الصفات المتوارثة في المجموعة، للتصارع ببطء ولفترة طويلة في سبيل التسيد والانتشار. إن صفات جديدة لن تسود اليوم وانما ستكون الى "جانب" القديم لفترة طويلة.
من المثير الاشارة الى حادثة استثنائية لشخص بإسم Kim Peek. كيم بييك ولد عام 1951 في الولايات المتحدة الامريكية، مصابا بتحولات جينية ادت الى ان يكون لدماغه بنية مختلفة. دماغه لايملك النسيج العصبي المسمى corpus callosum وينقصه الخلايا العصبية وهم يقومون بوظيفة الاتصال بين نصفي الدماغ مما يؤدي الى ان الاتصال بين نصفي الدماغ قد اصبح مباشرا وبدون وساطة. لذلك نجد ان ذاكرة كيم بييك هائلة للغاية، ويستطيع تذكر 12000 كتاب. ناسا تقوم بدراسة كيم لمعرفة طريقة عمل دماغه الخارق.