يتميز هذا اضطراب فقدان الشهية العصبي بالاستمرار في النحافة , بصوره تجعل الجسم يبدو في شكل غير طبيعي , كما تتميز بالخوف المتطرف من السمنة , ورفض الاحتفاظ بحد أدنى طبيعي لوزن الجسم , وانقطاع الدور الشهرية عند النساء .
وفى العادة يبدأ هذا الاضطراب خلال فترة المراهقة , ويكون أكثر شيوعا عند الإناث, والذين لديهم هذا الاضطراب يستمرون في إتباع نظام غذائي, رغم نقصان وزنهم, ويكون لديهم هواجس متعلقة بالطعام, وهم ينكرون أن لديهم مشكلة, ويكون النقصان الحاد و السريع للوزن له عواقب تهدد حياتهم , ويستند الأطباء في تشخيصهم على الأعراض والعلامات والفحوص , ومن الممكن أن يساعد العلاج الإدراكي السلوكي Cognitive-behavioral therapy المرضى بهذا النوع من الاضطراب عند علاجهم لمدة عام أو عامين .
وهناك دور للعوامل الوراثية و الاجتماعية , في حدوث فقدان الشهية العصبي , فالرغبة في النحافة تعم المجتمعات , والسمنة تعتبر غير جذابة, وغير صحية, وغير مرغوبة, وحتى الأطفال قبل المراهقة يدركون هذا التوجه , وأكثر من نصف البنات قبل المراهقة يتبعون نظام غذائي , أو غير غذائي للمحافظة على وزنهم , ونسبة بسيطة من هؤلاء البنات يتطور عندهم الأمر ويحدث لهم فقدان الشهية العصبي , وعوامل أخرى مثل الاستعداد النفسي , يحتمل أن يهيئ بعض الأشخاص لحدوث فقدان الشهية العصبي , وفى المناطق التي تعانى من نقص الغذاء يندر وجود فقدان الشهية العصبي .
وبصفة عامة يبدأ هذا الاضطراب خلال فترة المراهقة , وقد يبدأ في وقت سابق , وقلما يبدأ عند البالغين , وبالدرجة الأولى يتأثر بهذا الاضطراب الطبقات الاقتصادية , و الاجتماعية المتوسطة , وفوق المتوسطة , وفى المجتمع الغربي فإن العدد الذي يعانى من هذا الاضطراب يبدو في تزايد , وحوالي 0.9% من الإناث هم مصابون بهذا الاضطراب بصورة شديدة, مقابل 0.3% فقط من الذكور , أما الحالات المعتدلة من الإصابة بهذا الاضطراب فقد لا يمكن تمييزها أو التعرف عليها .
أعراض فقدان الشهية العصبي
أعراض فقدان الشهية العصبي
*
قد يكون فقدان الشهية العصبي بسيط وعابر, أو شديد ودائم.
*
تكون الإشارة الأولى لاضطراب وشيك الحدوث , هو القلق المتزايد بخصوص وزن الجسم , و الحمية أو إتباع نظام غذائي.
*
يكون الاهتمام بوزن الجسم و الحمية في غير مكانه ولا داعي له , حيث أن أكثر الأشخاص الذين يصابون بفقدان الشهية العصبي هم نحاف , ولهم أجسام رقيقة , وكلما زادت النحافة كلما أشتد الانشغال و القلق فيما يخص وزن الجسم , حتى عندما يصابون بالهزال , فإن منهم من يدعى أنه يشعر أنه سمين , وينكر حدوث أي خطأ , ولا يشكو من نقصان الوزن , وعادة يقاوم العلاج , ومع أن فقدان الشهية يعنى عدم الإقبال على الطعام إلا أن المصابون بهذا الاضطراب يشعرون بالجوع , وهم منشغلون بالطعام , فهم درسون النظام الغذائي و الحمية, ويحسبون السعرات الغذائية للأطعمة , ويختزنون , ويخفون , ويهدرون الأطعمة , ويجمعون الوصفات الغذائية , ويجهزون الأطعمة المتقنة للآخرين.
*
حوالي من 30 إلى 50% من الذين يعانون من هذا الاضطراب يفقدون السيطرة على أنفسهم , ويأكلون بسرعة كميات كبيرة من الطعام بنهم , وبعد ذلك يحاولون التقيؤ , ويسيئون استعمال الملينات والحقن الشرجية , ونسبة أخرى تحدد كمية الطعام التي يتناولونها , ولكنهم كثيرا ما يكذبون حول كمية الطعام التي تناولوها , ويخفون إحداثهم للتقيؤ , وما يتعلق بعاداتهم الغذائية الغريبة , كما أن بعضهم يتناول الأدوية المدرة للبول diuretics (والتي تزيد من إفراز الكلى للماء) , في محاولة للتغلب على إحساسهم بالانتفاخ , وأيضا في محاولة لإنقاص وزنهم .
*
تتوقف الدورة الشهرية عند الإناث حتى قبل فقدان الوزن , كما يفقد الذكور والإناث اهتمامهم بالجنس .
*
تكون نبضات القلب أقل , وضغط الدم أيضا , وكذلك درجة حرارة الجسم .
*
يكون الشعر رقيق و ناعم , ويزيد شعر الوجه والجسم .
*
تنتفخ أنسجة الجسم بسبب تجمع السوائل بين خلاياها edema .
*
شعور بالانتفاخ , و ضيق بالبطن , و إمساك constipation.
*
التقيؤ المستحث ذاتيا من الممكن أن يحدث تآكل بطبقة المينا بالأسنان , ويسبب تضخم بالغدد النكفية , ويلهب المريء .
*
أغلب المرضى بهذا الاضطراب يصابوا بالاكتئاب.
*
رغم النحافة يستمر هؤلاء الأشخاص في بقائهم نشيطين , و يزيدون من نشاطهم الرياضي بهدف التحكم في وزنهم , وتكون لديهم شكوى بسيطة بنقص في الغذاء لا تتناسب مع ما هم فيه من وهن وضعف .
*
ينشأ اضطراب هرموني يشمل نقص هرمون الأوستروجين estrogen عند الإناث , وكذلك نقص هرمون الغدة الدرقية , وزيادة هرمون الكورتيزول cortisol .
*
عندما يشتد سوء التغذية , فإن كل أجهزة الجسم من المحتمل أن تكون قد تأثرت .
*
قد تقل كثافة العظام , مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام osteoporosis .
*
الإنقاص السريع و الشديد للوزن , قد يسبب مشاكل صحية تهدد الحياة , وأكثر هذه المشاكل خطورة هو ما يتعلق بالقلب , و سوائل الجسم , و الأملاح المعدنية , فالقلب يصبح ضعيفا , ويضخ القليل من الدم إلى الجسم , وتصبح معدلات النبض غير طبيعية , وقد يعانى هؤلاء من الجفاف , وقد يتعرضون للإغماء.
*
قد يصبح الدم قلويا alkaline , وهو ما يسمى بالتمثيل الغذائي القاعدي metabolic alkalosis , وقد ينخفض مستوى البوتاسيوم بالدم .
*
محاولات التقيؤ, و تناول الملينات , و مدرات البول , قد تجعل الأمور أكثر سوء , وقد تحدث الوفاة فجأة بسبب اضطراب نسق دقات القلب abnormal heart rhythms .
تشخيص فقدان الشهية العصبي
*
لان المصابين بفقدان الشهية العصبي , لا يعتقدون أنهم مرضى أو أنهم يعانون من اضطراب , لذا فهم يقاومون تقييم حالتهم والعلاج .
*
في العادة يتم إحضار هؤلاء المرضى للأطباء , عن طريق أفراد العائلة , أو يتوجهون بأنفسهم للطبيب ولكن بشكوى أخرى .
*
في العادة يقيس الأطباء الطول والوزن , ويسألون الأشخاص عن شعورهم نحو طولهم و وزنهم , وأي أعراض يشكون منها .
*
يتجه تفكير الأطباء إلى اضطراب فقدان الشهية العصبي , عند وجود نقص بوزن الجسم , مع وجود مؤشر كتلة الجسم أقل من 7.5 , و الخوف من السمنة , و نكران المرض , و غياب الدورة الشهرية عند النساء .
*
و الأطباء يجرون الفحص الطبي , و تحاليل الدم و البول , لمعرفة تأثير نقص الوزن و سوء التغذية .
*
قد يجرى اختبار لكثافة العظم .
*
قد يجرى تخطيط كهربي للقلب (Electrocardiography (ECG .
تخطيط كهربي للقلب Electrocardiography – ECG
خطورة فقدان الشهية العصبي
عند عدم تقديم العلاج , فإن نحو 10% من الحالات الشديدة يموتون , أما الحالات البسيطة , أو الغير متعرف عليها , فإنهم نادرا ما يموتون بسبب هذا الاضطراب , ومع العلاج يستعيد نصف المرضى معظم ما فقدوه من وزن , كما تزول المشاكل الجسدية والهرمونية المترتبة , و حوالي ربع الحالات بعد التحسن و استعادة ما نقص من وزنهم , فإنهم ينتكسون relapse , ويعودون إلى عاداتهم الغذائية السابقة , أما الربع المتبقي فإنهم ينتكسون بشكل دوري و متكرر , و يواصلون مشاكلهم الجسمية و العقلية بسبب الاضطراب .
علاج فقدان الشهية العصبي
*
إذا كان فقدان الوزن سريع وشديد , و لأكثر من 25% تحت وزن الجسم المثالي , فإن استعادة وزن الجسم بسرعة يكون أمرا حاسما .
*
من الضروري إدخال الذين يعانون من فقدان الشهية العصبي المستشفى , للتأكد من أنهم يستهلكون الأغذية الكافية , و السعرات الحرارية اللازمة.
*
يعتبر تناول الطعام هو الطريقة الأفضل للعلاج , ولكن في بعض الحالات يضطر الأطباء لوضع أنبوب أنفى معدي nasogastric tube .
*
يصف الأطباء علاج للحالات المترتبة على هذا الاضطراب , مثل هشاشة العظام .
*
أثناء التواجد بالمستشفى تقدم المشورات و النصائح النفسية فيما يتعلق بالتغذية .
*
التواجد بالمستشفى من فوائده تغيير الظروف المحيطة بالمريض , والتي تكون من أسباب الاضطراب , وأيضا تعطل العادات والتصرفات السيئة المتعلقة بالطعام , وبالتالي إيقاف التدهور الحادث .
*
العلاج الإدراكي السلوكي له دور هام في علاج هذه الحالات.
*
يستغرق العلاج ما يقارب العام عند استعادة المريض وزنه , وما يقارب العامين إذا استمروا تحت المعدل الطبيعي للوزن .
*
العلاج يكون أكثر فعالية للمراهقين الذين كان عندهم الاضطراب لمدة أقل من 6 شهور.
*
العلاج يكون ذو أهمية حيث أن الذين يعانون هذا النوع من الاضطراب لا يرغبون في استعادة وزنهم .
*
العلاج العائلي يفيد المراهقين , فهو من الممكن أن يحسن التفاعلات بين أفراد العائلة , ويعلم الآباء مساعدة المراهقين المتأثرين بالاضطراب , لاستعادة وزنهم المفقود .
*
يتضمن العلاج أيضا رؤية الطبيب بانتظام للمتابعة و إجراء الفحوص , كما قد يشمل خطط العلاج و المعلومات بواسطة أخصائي التغذية , وكذلك المعلومات عن السعرات الحرارية التي يحتاجها المريض لاستعادة وزنه .
*
لا يوجد علاج دوائي خاص بفقدان الشهية العصبي , ولكن تستخدم مضادات الذهان الجديدةantipsychotic drugs , للتقليل من مخاوفهم من السمنة , وكذلك التقليل من فقدهم أوزانهم مرة ثانية بعد استعادتها , كما تساعد الذين يعانون من الاكتئاب .