تآداب المقابلة الشخصية للتقدم إلى وظيفة .. والأسئلة المتوقعة أثناء المقابلة
يظن البعض أن الهدف الرئيسي من المقابلة الشخصية هو «رؤية شكل» المتقدم للوظيفة، غير أنها أبعد من ذلك بكثير، إذ تهدف المقابلة إلى اتخاذ قرار حاسم بشأن مدى كفاءة المتقدم لشغل الوظيفة الجديدة من عدمه. على سبيل المثال يطمح المسؤولون في المؤسسات المرموقة إلى معرفة مدى إلمام الموظف بمهامه الوظيفة المتقدم إليها ومدى صلاحيته لذلك، ومحاولة التعرف على درجة الحماسة والجدية التي يمتاز بها الشخص تجاه الوظيفة الجديدة، لا سيما طموحه ونشاطه والمهارات المهمة التي يتحلى بها.
والملاحظ أن بعض المتقدمين إلى وظائف لا يحضرون جيدا للمقابلة الشخصية، فلا يحسنون الإجابة عن أبسط الأسئلة، كأن يتلعثم أحدهم وربما تحمر وجنتاه حينما يسأل عن اسم الإدارة التي يرغب بالعمل فيها فلا يعرف اسمها، وكأن لسان حاله يقول «عينوني في أي وظيفة» وهو لا يدري أنه منح بذلك القائمين على المقابلة الانطباع الكافي على عدم صلاحيته للوظيفة، التي من أساسياتها الرغبة في العمل بمكان محدد ليكون المرء ذا قيمة مضافة من خلال عمله في ما يحب.
التحضير للمقابلة
1ـ السيرة الذاتية
إحدى طرق التحضير للمقابلة يكون بارسال سيرة ذاتية جامعة مانعة تضم كل الخبرات السابقة والمؤهلات الدراسية والمهارات الشخصية، فضلا عن البيانات الشخصية وغيرها، ويفضل دائما أن تكتب حسب أحدث طرق اعداد السير الذاتية، ويمكن الاستعانة بشخص خبير. وكلما كانت السيرة الذاتية موفقة من حيث الإعداد يعطي ذلك انطباعا أوليا إيجابيا عن الشخص، وربما يساعد لاحقا على أن يطلب منه إجراء مقابلة شخصية. كما أن عرض الخبرات السابقة في السيرة المكتوبة يوجه، أحيانا، من يقابلنا نحو الحديث عن نشاطاتنا السابقة خاصة إذا ما كانت النشاطات أو الخبرات مثيرة للاهتمام.
2ـ الملبس
ومن طرق الاستعداد أيضا أن يرتدي الموظف زيا حسنا يتناسب مع أجواء العمل. هذا الزي لا يكون فاضحا أو ما يسمى بالإنكليزي Too Revealing بل يكون زيا محتشما وجميلا يسر الناظرين. وهناك قلة قليلة من النساء تعتقد أن كشف أجزاء من جسدهن يدفع المسؤولين إلى الإعجاب بهن ثم تعيينهن، ولكن قد يحدث العكس لأن المسؤولين بشر أتوا من ثقافات وبيئات مختلفة، فقد تصل إليهم الرسالة عكسية كأن يفسروا هذا السلوك بأنه غير لائق فيتراجعون عن تعيين هذا النوع من الموظفات لأسباب معروفة.
3ـ طريقة التحدث
بعض الموظفين يعتقدون أن حشو عباراته بمصطلحات إنكليزية، قد يثير إعجاب المسؤول، ولكن ليس هذا صحيحا دائما. فبعض المسؤولين قد يعتبر هذا التصرف نوعا من التباهي أو «الفلسفة» إن جاز التعبير. وبدلا من استخدام هذا الأسلوب يمكن للشخص استخدام مصطلحات فنية Technical (بالإنكليزية أو العربية) ذات صلة بالوظيفة كالتي يستخدمها المحاسب أو الاستثماري أو العقاري أو المهندس أو الطبيب وغيرهم، شريطة أن يكون في حدود السؤال المطروح.
4ـ التلقائية
سألني ذات مرة أحد القراء كان يرغب في التقدم إلى وظيفة في المبيعات في أحد المصارف قائلا: «كيف أظهر للمسؤولين أن شخصيتي مرحة وأنني أتقبل الآخرين برحابة صدر؟» فقلت له باختصار: «كن على سجيتك وسوف تدخل قلوبهم» بهذه التلقائية. فالناس تألف وتود من لا يتكلف في تصرفاته، وهذا أحد الأسباب التي تظهر المودة بيننا وبين الأطفال الذين يتفوقون علينا بخصلة التلقائية الحميدة.
وأذكر أن أحد المسؤولين طلب مني حضور مقابلة لتعيين موظفة تسويق، فوافقت شريطة أن أكون منصتا فقط، فوافق ثم قدمت إليه قائمة بالأسئلة المهمة المطلوبة في المقابلات الشخصية لنكتشف جانبا مهما من شخصيتها. وبعد انتهاء المقابلة شعرنا جميعا بأن الموظفة، وإن كانت فيها المؤهلات المطلوبة، إلا أنها كانت متسمرة وتتحدث بطريقة مصطنعة ما جعل المدير يخشى أن تكون «ثقيلة دم» مع العملاء والموظفين. وبعد أن وقع عليها الاختيار، سألته بعد عام كامل من تعيينها فقال إنها أفضل موظفة بالشركة بحيويتها وهمتها ونشاطها ومبادراتها، بل كانت شخصيتها أبعد ما تكون عن تلك الشخصية الجامدة. واكتشفنا لاحقا أنها لم تكن تتحدث على سجيتها في المقابلة بل كانت تتصنع.
الأسئلة المتوقعة
هناك جملة من الأسئلة المتوقعة في المقابلات الشخصية، وربما يتفاجأ الشخص بها، خاصة إذا لم يكن يتوقعها. كما أنه ليس بالضرورة أن يتعرض الموظف إلى كل هذه الأسئلة ولكن القائمة أدناه تضم معظم الأسئلة المتوقعة.
• ما الذي يجعلك مؤهلا لشغل هذه الوظيفة؟
هذا السؤال دارج في المقابلة الشخصية، والإجابة عليه تكون بالتركيز على الخبرات السابقة والمؤهلات العلمية، والمهارات الشخصية. وهي فرصة مواتية للموظف ليستعرض إلمامه بمتطلبات الوظيفة الجديدة.
• لماذا ترغب في ترك المؤسسة التي تعمل فيها؟
يفضل ألا يتطرق الموظف إلى أي أمر سلبي في تجربته السابقة. فيجب عدم ذكر مسائل مثل: لم أحصل على الترقية المطلوبة، أو أكره مسؤولي في العمل، أو تلاسنت مع أحد أعضاء فريق العمل ... الخ. ويمكن أن يكون هذا السؤال وسيلة لتأكيد طموحات الموظف ومدى اهتمامه بمستقبله الوظيفي وتطوير قدراته وخبراته من خلال خوض تجربة مفيدة كالعمل في هذه المؤسسة. أو أن يقول مثلا، ليس هناك مجال لتعلم المزيد في الوظيفة السابقة، إذ صار العمل روتينيا بالنسبة لي، ولذا أفضل الخوض في تحد جديد.
• كيف ترى نفسك خلال السنوات الخمس القادمة؟
هذا السؤال يحتاج إلى لحظة تفكير، ثم يقول الموظف، مثلا، أتمنى أن أكون أحد القياديين الفاعلين الذين يعتمد عليهم في هذه المؤسسة، وأن أكون ذا قيمة مضافة، أو يقول مثلا: أتوقع أنني سأستفيد من البرامج التدريبية الممتازة لديكم، بالإضافة إلى الاستفادة من حجم المشروعات وتنوعها، الأمر الذي سوف يمنحني خبرة جيدة تضاف إلى خبرتي فتدفعني إلى أن أكون متميزا.
• ما نقاط قوتك ونقاط ضعفك؟
لابد من المصارحة مع الحذر الشديد في الرد على هذا السؤال الذكي. فالصراحة هي للأمانة أمام الله عز وجل، أما الحذر فهو لكي لا تفهم نقاط الضعف بطريقة غير صحيحة من قبل المسؤولين. فمثلا يمكن الإشارة إلى نقاط القوة بذكر كل الخبرات السابقة مع بعض الأمثلة، وذكر المهارات الشخصية وأبرز النجاحات التي كانت وراءها مهارات شخصية. أما نقاط الضعف فيمكن أن تكون مثلا: أنا طيب إلى أبعد الحدود، أو عجول، أو مصاب بمرض حب الكمال Perfectionism، أو اهتم بأدق التفاصيل، ثم يستدرك قائلا «لكنني احرص على اتمام المشروعات في الوقت المحدد». لا يتوقع من الموظف أن يقدم تقييما نفسيا لحالته، ولكن يجدر به أن يذكر نقاط ضعفه وما الذي يحاول فعله حتى يتغلب عليها. فليس هناك إنسان يخلو من العيوب.
• ما أفضل قرار اتخذته في حياتك الوظيفية أو العلمية؟
الإجابة عن هذا السؤال تبين طريقة تفكير الشخص ومدى طموحه وحقيقة رغبته في تحدي الظروف المحيطة به. وبواسطتها يمكن أن تقاس طموحات الموظف وأهدافه.
• ما أصعب موقف تعرضت له وكيفية تعاملك معه؟
هذا السؤال يعطي مؤشرا إلى طريقة تعامل الموظف في المواقف الصعبة، حيث ان المؤسسة بطبيعة الحال تبحث عن موظفين يحسنون التصرف تحت ضغوطات العمل، وليس فقط في الظروف العادية التي تتساوى فيها ردود أفعال معظم الناس.
• صف لنا أصعب مدير عايشته؟
الإجابة عن هذا السؤال تظهر للمسؤولين كيف ينظر هذا الموظف إلى صفات المدير الصعب من وجهة نظره. وبهذا يخرجون بانطباع أولي عن مدى انسجامه مع المديرين العاملين في المؤسسة والذين ربما يتصفون بالطباع الصعبة نفسها. فعدم التوافق بين الموظف الجديد والمدير الحالي ربما يصبح مشروع أزمة متوقعة، كأن يكون الموظف غضوبا ولا يملك نفسه ويكون مديره كذلك.
• ما أكثر ما أعجبك وما كرهت في الوظيفة السابقة بشكل عام؟
يعد هذا السؤال أحد الأسئلة المفتوحة التي يحبها الموظف الجديد في المقابلات، ولكنها تدفعه من دون أن يشعر إلى الإدلاء بمعلومات قيمة عن نفسه ونظرته إلى العمل بشكل عام. ويهدف المسؤولون من وراء هذا السؤال الذكي إلى معرفة كيف سيتعامل الموظف مع واقع المؤسسة.
• حدثنا عن مشكلة كبيرة وقعت بينك وبين زميلك وكيف تعاملت معها؟
القدرة على حل المشكلات من أهم ما يبحث عنه المسؤولون في الموظف الجيد. فالإدارة الحديثة صارت تميل حاليا إلى العمل بنظام فريق العمل الذي يضم خليطا (غير متجانس أحيانا) من الموظفين القادمين من بيئات مختلفة، وهو أمر يتوقع معه نشوء بعض الصدامات بينهم بطبيعة الحال.
• ماذا تعرف عن مؤسستنا؟ ولماذا فضلتها على غيرها؟
من خلال الإجابة على هذا السؤال يمكن أن يستشف المسؤولون ما إذا كان يتطلع الموظف إلى وظيفة «جادة وحيوية» أو أنه قد يرضى بأي وظيفة متواضعة تدر عليه راتبا ثابتا.
• أذكر أمثلة على مهمات أو أنشطة بذلت فيها مجهودا كبيرا؟
من البديهي أن كل مدير يفضل أن يحيط نفسه بموظفين يتميزون بروح المبادرة، لا ينتظرون تلقي الأوامر. فكل مدير يود أن يحمل العاملون معه على عاتقهم أكبر عدد ممكن من المسؤوليات وأن يبحثوا بأنفسهم عن عمل يشغلهم ويزيد إنتاجيتهم. ولتحقيق ذلك يتوقع أن يطرح هذا السؤال.
وليس بالضرورة أن توجه إلى الموظف كل هذه الأسئلة، ولكننا نذكرها من باب تذكير الموظف والمسؤولين الذين سوف يجرون المقابلة لتعم الفائدة. ولابد من الإشارة إلى أن أصحاب الخبرات الطويلة من القياديين القدامى أو الذين يشار إليهم بالبنان في قطاعات معينة لا توجه إليهم هذه الأسئلة لأنهم أصبحوا أعلاما في مجالاتهم، وتكون مسألة استقطابهم أو محاولة إجراء مقابلة معهم أمرا صعبا لأنهم لا يقبلون بالمقابلة إلا إذا أدركوا أن المؤسسة تعرفهم جيدا وأنها جادة في مسألة تقديم عرض مغر لهم.