مشعل: سنرد على مجزرة غزة ومطلوب من رام الله وقف التفاوض مع العدو
[20:44مكة المكرمة ] [16/01/2008]
خالد مشعل
- لن يكون هناك تقدُّم في ملف شاليط مع استمرار العدوان
- صواريخ المقاومة ليست عبثية وموقف الأنظمة مؤلم
- وجهنا الدعوة للسلطة الفلسطينية لحضور مؤتمر دمشق
كتبت- إيمان يس
عقد خالد مشعل- رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس- مؤتمرًا صحفيًّا في دمشق اليوم، أكد فيه أن الرد على المجازر الصهيونية ضد سكان غزة لا يمكن أن يقتصر على إقامة المؤتمرات الصحفية، وأن المؤتمر ليس إلا للتعبير عن موقف سياسي.
وقال: إن الرد الحقيقي المطلوب- فلسطينيًّا وعربيًّا وإنسانيًّا- لا بد أن يكون موقفًا عمليًّا، واستنكر السبات العميق الذي يعيش فيه الضمير الإنساني، وليس العربي وحده، في ظل استمرار العدوان وفقد الأبطال الشهداء ليس فقط في غزة لكن أيضًا في الضفة؛ حيث وصل إلى حدِّ اختطاف الجرحى المرافقين لقائد سرايا القدس وليد العبيدي بعد استشهاده.
وأضاف مشعل أن هذه الجريمة كان يجب أن تهزَّ بدن وروح وضمير كل وطني مخلص، وتجعله يفكر مليًّا في موقفه وفي واجبه، وأوضح أن "شلاَّل الدم الفلسطيني لن يتوقف طالما كان هناك عجز عربي وإرادة دولية غائبة، وانقسامٌ فلسطينيٌّ.
أحد مصابي مجزرة حي الزيتون بغزة
وتوجَّه مشعل خلال المؤتمر بالعزاء إلى الدكتور محمود الزهار في استشهاد نجله، كما قدم العزاء للشعب الفلسطيني في شهداء المجزرة.
وحول المسئول عن مجزرة أمس قال مشعل: "نحن في حماس، وكل أبناء الشعب الفلسطيني، نحمِّل الكيان الصهيوني المسئولية الأولى عن هذه المجزرة"، مضيفًا أن المجازر عند العدو سمة من سمات سلوكه العدواني.
ثم وجَّه مشعل كلامه لبوش قائلاً: هذا هو الإرهاب الحقيقي وليس إرهاب الشعب الفلسطيني، أو الشعب العربي، أو الشعب المسلم، فالإرهاب صنعه الصهاينة الذين أنت خادمٌ لهم، وليس صنعة العرب والمسلمين، فنحن صنَّاع السلام، ولكن السلام القائم على العزة والكرامة واستعادة الحقوق.
وأضاف: "لكن الغريب هو هذا الصمت الدولي المريب"، مؤكدًا أن هذه الجريمة تأتي في سياق مهم هو سياق معالجة الأزمة الداخلية؛ فأولمرت يريد أن يحافظ على ائتلافه الهشّ، وقد انسحب اليوم من هذا الائتلاف ليبرمان زعيم جماعة "إسرائيل بيتنا"، كما أن جماعة شاس وجماعة إيلي إيشاي على شفا جرف هار، فقد أراد أولمرت- عبر الدم الفلسطيني وعبر الأشلاء الفلسطينية- الحفاظ على هذا الائتلاف، كما يريد أن يستبق تقرير بلجراد، ويريد أن يهرب من هزيمته في لبنان في صيف 2006 عبر المجازر الفلسطينية، وباراك من زاوية أخرى عينُه على الانتخابات، ويريد أن يقدِّم نفسه مجرمًا أمام شعبه ليفوز برئاسة الوزراء، إضافةً لعقدة غزة.
دبابات تابعة للصهاينة شاركت بتوغل حي الزيتون
وتساءل مشعل- في سخرية-: كأن مسار السلام المزعوم مفروش بالورود، ولم تبقَ إلا عقدة غزة؛ حيث يحمِّل كل طرف الآخر مسئولية غزة وصواريخها التي تحُول دون تطبيق الشق الأمني في خارطة الطريق؟! مشددًا على أنه رغم هذه الجرائم فإن الإرادة الفلسطينية لم تنكسر أمام هذا الطغيان.
ووجَّه مشعل خطابه لقادة العدو، مؤكدًا أن هذا الدم الفلسطيني المسفوح سيقصر أجل الكيان الصهيوني، ولن يُطيل أعمار هؤلاء القادة أو كيانهم، ولن يجلب لهم الأمن أو السلام، فلا سلامَ مع القتلة ولا أمنَ للمجرمين القاتلين، وستكون هذه المجزرة لعنةً عليهم وتدميرًا لكيانهم.
وردًّا على ما قيل من الجانبَين الأمريكي والفلسطيني بأن هذا عمل روتيني، ورد فعل طبيعي على صواريخ غزة، أجاب مشعل قائلاً: "عيب هذا الكلام أن يصدر من فلسطيني، كما أنه كلام غير عاقل وغير منطقي، قلنا مرارًا وتكرارًا: الاحتلال هو الفعل، والمقاومة وصواريخ غزة هي رد الفعل، وليست الفعل"، مضيفًا أنه إذا كانت هذه المجزرة هي رد فعل على صواريخ غزة، فلماذا هذا الاجتياح المتكرِّر لنابلس؟ ولماذا جرائم قباطيا؟ وهل الشهيد العبيدي الذي استُشهد فجر اليوم هو الذي أطلق الصواريخ على الكيان الصهيوني؟! موضحًا أنه إذا كانت هذه الصواريخ عبثيةً كما يقولون، فلماذا تقوم الدنيا ولا تقعد بسببها؟! ولماذا هذا التحريض حتى على مصر؟!
كما حمَّل مشعل الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته الأمريكية المتصهينة مسئوليةَ هذه الجريمة، معتبرًا المجزرة ترجمةً حقيقيةً لموقف الإدارة الأمريكية في أنابوليس وفي باريس؛ ففي أنابوليس كان القرار السياسي، وفي باريس كان التمويل، مؤكدًا أنه لم يكن للشعب الفلسطيني، وإنما هو تمويل للجريمة الصهيونية، فهذه الـ7.4 مليارات المتفق عليها في باريس هو مال مخصص للكيان الصهيوني؛ لأنه جاء لتطبيق الشق الأمني من خارطة الطريق، وبالتالي فهو لحماية الكيان الصهيوني في مقابل قتل الشعب الفلسطيني.
ووجَّه مشعل كلامه لحكومة فيَّاض قائلاً: لا تُسَرُّوا بهذا المال؛ فهو ليس لفكِّ الحصار عن الشعب الفلسطيني، وإنما هو لحماية الكيان الصهيوني، فمعاناة غزة والضفة ما زالت مستمرةً، موضحًا أن هذه المجزرة هي جزء من الحرب على الإرهاب الذي تقوم به الإدارة الأمريكية؛ باعتبار أن كل مقاومة هي إرهاب، وهذا واضحٌ ليس فقط في فلسطين بل أيضًا في العراق وأفغانستان، وهذا ما يجعل بوش صانع الجرائم والإرهاب، وأنه جاء ليطلق شلاَّلَ دم فلسطيني.
وعن الردِّ الفلسطيني أكد مشعل أن الحِداد وحده لا يكفي يا إخواننا في رام الله، مطالبًا بوقف المفاوضات العبثية، مؤكدًا أنها ليست منتجةً، مشيرًا إلى أن ما يقوم به الصهاينة من احتجاز للمتفاوضين عند ذهابهم لقاعات التفاوض، ومشيرًا أيضًا إلى إذلالهم على طاولات المفاوضات.
واستنكر مشعل الإصرارَ على التفاوض العبثي في ظل هذه المعطيات، مؤكدًا أنه لا يرضى للمفاوضين هذا الذل؛ فهم أبناء شعب واحد رغم الاختلاف، مشيرًا إلى أن المفاوضات لن تؤتيَ أيَّ ثمار ولن نجنيَ من ورائها شيئًا، مستشهدًا بما صرَّح به أحدُ زعماء شاس حين قال- معبِّرًا عن إمكانية استمراره مع أولمرت في الائتلاف-: "لقد اطمأننا أن المفاوضات لن ينتج عنها شيء".
وقال: "إذا كان هذا موقف قادة العدو، وإذا كانت المفاوضات لم تجنِ شيئًا منذ 8 أشهر ومن قبل، فلماذا هذا الإصرار؟!
وطالب مشعل حكومةَ رام الله بردٍّ آخر على هذه المجزرة- إضافةً إلى وقف المفاوضات- وهو إعادة اللُحمة الفلسطينية، مؤكدًا ضرورةَ الحوار إذا أرادوا الصدق مع الشعب وتحمُّل مسئولية موقعهم، لكنه شدَّد على أنه لا استجداءَ من جانب حكومة حماس للحوار الوطني.
وأكد أن الموقف المطلوب عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا هو رفعُ الحصار عن غزة، محمِّلاً إياهم مسئوليةَ دماء من سيموت من أبناء غزة نتيجة عدم توفُّر العلاج، مشدِّدًا على أن استغلال المعاناة الفلسطينية لتطويع حماس لن يحدث، فهناك أرضية لأي توافق وطني فلسطيني تحكمها ثلاث وثائق ستلتزم بها حماس، وهي: اتفاق القاهرة 2005 واتفاق مكة 2007 ووثيقة الوفاق 2006.
وحول سؤال عن مؤتمر الفصائل في دمشق وما يراه البعض بأنه خطوةٌ تفتيتية في الوقت الذي يحتاج الفلسطينيون فيه إلى الاتحاد، أوضح مشعل أن المؤتمر الوطني الذي سينعقد بعد أيام في دمشق ليس لتعزيز الانقسام بل العكس؛ فالمؤتمر سينعقد تحت عنوانين، وهما: التمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وتعزيز الوحدة الوطنية والدعوة إلى معالجة الانقسام، مشيرًا إلى أن المؤتمر وُجِّهت الدعوة فيه للجميع بدون استثناء، بما في ذلك رئاسة السلطة.
وفيما يتعلق بانعكاس التصعيد الأخير على موقف الحركة من تسليم جلعاد شاليط، قال: أنا قلت تحت الضغط والجرائم والمجازر حماس لن تقوم بشيء في هذا الملف، وسبق أن أعلنَّا أن الحركة ترحِّب بتبادل جلعاد مع أسرانا البواسل ومن يعطلها هو أولمرت، لكن إذا ظن الصهاينة أنهم سوف يخفضون سقف مطالبنا بهذه المجازر فهم واهمون، ومطالبنا هي مطالبنا، ولن يرى جلعاد شاليط النور إلا إذا رأى أبناؤنا وبناتنا البواسل النور والحرية.