قرأت حديثا في الصحيحين لأبي هريرة عند ، جاء فيه " كل بني آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها" وقد فسر البيضاوي المس: بالطمع في الإغواء . أليس مقتضى هذا أن يكون سيدنا عيسى أفضل من سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام؟ كيف أرد على النصارى في هذه الفرية ؟
الـــــــــرد -------------------------------------------------------------------
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد تناول الشيخ رشيد رضا- صاحب تفسير المنار- هذه الفرية في تفسيره، وأجاب عنها بأن نصوص الإنجيل نفسها لا تنفي وصول الوسوسة إلى سيدنا عيسى ، وإن كان- عليه السلام- لم يستجب إليها.
جاء في تفسير المنار :
إن قيل : إن ما فسر به البيضاوي حديث مريم وعيسى يقتضي أن يكونا أفضل من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ممتازين عليه إذ كان يطمع فيه ولم يطمع فيهما ، وهذا ما يشاغب به دعاة النصرانية عوام المسلمين مستدلين بالحديث على تفضيل عيسى على محمد - عليهما الصلاة والسلام - ، أو على أنه فوق البشر .
فالجواب أن كتاب هؤلاء الدعاة حجة عليهم ، ففي الإصحاح الرابع من إنجيل لوقا ما نصه:
" [1] أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية [2] أربعين يوما يجرب من إبليس ، ولم يأكل شيئا في تلك الأيام ولما تمت جاع أخيرا [3] وقال له إبليس إن كنت ابن الله فقل لهذا الحجر أن يصير خبزا [4] فأجابه يسوع قائلا مكتوب أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة من الله [5] ثم أصعده إبليس إلى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان [6] وقال له إبليس لك أعطي هذا السلطان كله ومجدهن لأنه إلي قد دفع وأنا أعطيه لمن أريد [7] فإن سجدت أمامي يكون لك الجميع [8] فأجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان إنه مكتوب للرب إلهك تسجد ، وإياه وحده تعبد [9] ثم جاء به إلى أورشليم وأقامه على جناح الهيكل وقال له إن كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل [10] لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك [11] وأنهم على أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك [12] فأجاب يسوع وقال له إنه قيل لا تجرب الرب إلهك [13] ولما أكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين " . اهـ .
فهذا صريح كان يوسوس للمسيح - عليه السلام -حتى يحمله ويأخذه من مكان إلى مكان ، وقصارى الأمر أنه لم يكن يطيعه فيما أمر به من السجود له ، ومن امتحان الرب إلهه (أي إله المسيح) وقوله : (لا تجرب الرب إلهك) يراد به ما ورد في سفر التثنية آخر أسفار التوراة (6 : 16) ومثله قوله : (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) وقوله : (للرب إلهك تسجد) إلخ . وذلك مما يدل على أنه كان متبعا للتوراة .
والله أعـــــــــــــتلـــــــــــــــــــم.
المفتي= مجموعة من الباحثين.