ألا ليت شعري: هل يرى الناسُ ما أرى *من الأمْرِ أوْ يَبدو لهمْ ما بَدا لِيَا؟
بَدا ليَ أنَ النّاسَ تَفنى نُفُوسُهُمْ *وأموالهمْ، ولا أرَى الدهرَ فانيا
وإنِّي متى أهبطْ من الأرضِ تلعة*أجدْ أثراً قبلي جديداً وعافيا
أراني، إذا ما بتُّ بتُّ على هوًى*فثمَّ إذا أصبحتُ أصبحتُ غاديا
إلى حُفْرَة ٍ أُهْدَى إليْها مُقِيمَة *يَحُثّ إليها سائِقٌ من وَرَائِيا
كأني، وقد خلفتُ تسعينَ حجة ً*خلعتُ بها، عن منكبيَّ، ردائيا
بَدا ليَ أنّ اللَّهَ حَقٌّ فَزادَني *إلى الحَقّ تَقوَى اللَّهِ ما كانَ بادِيَا
بدا ليَ أني لَستُ مُدْرِكَ ما مَضَى *ولا سابِقاً شَيْئاً إذا كان جائِيَا
وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي *وما إن تقي نفسي كريمة َ ماليا
ألا لا أرى على الحَوَادثِ باقِياً *ولا خالِداً إلاّ الجِبالَ الرّواسِيَا
وإلاّ السّماءَ والبِلادَ وَرَبَّنَا *وأيّامَنَا مَعْدُودَة ً واللّيالِيَا
أراني إذا ما شئتُ لاقيتُ آية * تذكرني بعضَ الذي كنتُ ناسيا
ألم ترَ أنَّ الله أهلكَ تبعاً *وأهلكَ لقمانَ بنَ عادٍ، وعاديا
وأهلكَ ذا القرنينِ، من قبلِ ما ترى*وفرعونَ أردى جندهُ، والنجاشيا
ألا لا أرَى ذا إمّة ٍ أصْبَحَتْ بِهِ،*فتَترُكُهُ الأيّامُ، وهْيَ كما هيا
مِنَ الشّرّ، لو أنّ امرأً كان ناجِيا*من العيشِ، لو أنّ أمرأً كانَ ناجيا
منَ الدّهرِ، يوْمٌ واحدٌ كانَ غاوِيَا =بأرْسانِهِنّ، والحِسانَ الغَوَالِيَا
وأينَ الذينَ يَحضُرُونَ جِفَانَهُ،*إذا قدمتْ ألقوا، عليها، المراسيا
رَأيْتُهُمُ لم يُشْرِكُوا، بنُفوسِهِمْ،*مَنِيّتَهُ، لمّا رَأوْا أنّها هِيَا
فَساروا لهُ، حتى أناخُوا، بِبابِهِ،*كِرامَ المَطايا والهِجانَ المَتالِيَا
فقالَ لهمْ خيراً، وأثنى عليهمُ*وودعهمْ، وداعَ أنْ لاتلاقيا
وأجْمَعَ أمْراً كانَ ما بَعدَهُ لَهُ،*وكانَ إذا ما اخلولجَ الأمرُ ماضيا
.........دمتم بود.............