إن المخزون الثقافي لمجتمعنا مليء بالمفاهيم والقيم التي تؤكد على أهمية
العلاقات الإنسانية ، وليس بمفهومها الإداري فحسب ، بل بمفهومها ومدلولها
الأخلاقي ، وهناك قاعدة تبنى عليها قواعد التعامل الأخرى ، وهي قاعدة حسن
الخلق .
ويبين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذه القاعدة الجميلة ، حينما قال
لأبي ذر رضي الله عنه قال " اتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها
، وخالق الناس بخلق حسن ". وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم " أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله
وحسن الخلق ".
وذكر في حديث آخر ، إن أول ما يوضع في الميزان ، حسن الخلق
والسخاء.
فلو شاعت الأخلاق في مؤسساتنا وكانت هي أساس التعامل بين الرئيس
والمرؤوس ، وبين الزميل وزميله ، وبين الموظف ومراجعة وبين الإدارة ومثيلتها
، لنتج عن ذلك أجواء الثقة والتفاهم والألفة وبالتالي الإنتاجية ، لان صاحب
الأخلاق يعمل بدافع ضميره ، ورقابة الله تعالى عليه ، فهو عندما يبتسم ,
يبتسم صدقة , وعندما يلقي التحية على رؤسائه أو زملائه ، فانه يتبع هدي النبي
في إفشاء السلام ، وإذا قضى حاجة لأخيه المراجع أو لصاحب الحاجة بهمه وسرعة ،
فانه يقوم بذلك تطبيقاً للتوجيه النبوي الشريف " لان تقضي حاجة أخيك ، خير لك
من الاعتكاف بمسجدي هذا شهراً ".
وعندما يبتعد عن الجدال فهو بذلك يطبق قول
الرسول الكريم " أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقاً ".
وعندما يشكر شخصاً قام بأداء خدمة له ، فهو يتبع قول الرسول الكريم " من صنع
إليكم معروفاً فكافئوه , فان لم تجدوا ما تكافئونه ، فادعوا له ، حتى تروا
أنكم كافأتموه ".
كذلك في حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم " إنكم لن تسعدوا
الناس بأموالكم ، فأسعدوهم ببسط الوجه وحسن الخلق ".
ولخص أحد الحكماء صفات حسن الخلق فيما يلي " هو إن يكون كثير الحياء ،
قليل الأذى ، كثير الإصلاح ، صدوق اللسان ، قليل الكلام ، كثير العمل ، قليل
الزلل ، براً وصولاً ، وقوراً صبوراً شكوراً رضياً ، عفيفاً شفيقاً ، لا
لعاناً ولا سباباً ، ولا نماماً ، ولا مغتاباً ، ولا عجولاً ولا حقوداً ، ولا
بخيلاً ولا حسوداً ، بشوش ، يحب في الله ، ويبغض في الله ، يرضى في الله ،
ويغضب في الله ، فهذا هو حسن الخلق .
فلنحرص على حسن الخلق ، حتى نرتقي بتعاملنا مع الآخرين .
اللهم أني أسالك أن ترزق كل من قرأ هذا الموضوع حسن الخلق آمين