كشفت دراسة في علم الاجتماع التاريخي صادرة عن المكتب العربي للمعارف عن سلسلة من الحقائق المرعبة في جمهورية آل مبارك أبرزها الأصول المملوكية من العبيد لحكام مصر.
الدراسة التي تقع في 188 صفحة موزعة على سبع فصول موقعة من طرف الدكتور ع.ع ، كشفت عن أصول العبيد المماليك للطبقة الحاكمة في مصر معتبرة أن خُمس التاريخ المصري مشكل من حكم العبيد الذين يعرفون بالرقيق الأبيض والمماليك موضحا أن هذا الحكم ممتد منذ 1200 سنة من تاريخ مصر إلى غاية يومنا هذا وأشار ممدوح الغالي من المكتبة العربية للمعارف في تعريفه بالكتاب إلى أنه جزء من مجموعة تتكون من 3 أجزاء موضوعها محاولة علمية لتقصي أسباب سلوكيات مرضية تسود المجتمع المصري حكاما ومحكومين ، تمثلت حسب صاحب دار النشر دائما في تراث سيئ تراكم خلال أكثر من ألف و300 عام من القهر والإذلال بتعبير مقدم الكتاب مشيرا إلى أن المصريين متدينين لكنهم يفرغون الدين من محتواه لديهم قيم خلقية هي شعارات ومأثورات ثم يضيف معلقا :" بيننا عقد غير مكتوب أو اتفاق على تبادل الكذب والنفاق دون أن نكاشف بعضنا على أننا نكذب" ويذهب مقدم الكتاب إلى أبعد من ذلك حين يقول :" لعلنا جميعا يلاحظ تعاظم التذرع بالمظاهر الدينية في الملبس والشعائر وما إلى ذلك لكن تعاظم كافة ألوان الفساد والانحراف الاجتماعي أكبر" موضحا" نقاسي من الطغاة ونحن نصنعهم ونرمي الآخرين بالفساد والانحلال ولا نتوقف أمام فسادنا..أمة تنصاع للقانون ولا تفوت فرصة لاختراقه ..الكل يقول الحكومة سيئة ولكن الكل لا ينتبه إلى أن الشعب في الحقيقة أسوأ .." ويواصل مقدم الكتاب الضرب بقوة حين يقول :" نهتف لطغاتنا في حاضرهم ونلعنهم بمجرد الرحيل فلا يبقى بيننا مثل ولا قدوة ..نخاف أن يضبطنا الآخرين متلبسين بآثامنا ولا نخجل ن ضبط أنفسنا متلبسين..نخاف ومانختشيش.."
وفي مطلع الدراسة يؤكد صاحبها أن مصر ضلت لأكثر من ألف سنة محكومة من طرف العبيد أو الرقيق الأبيض الذين لم يتركوا مقاليد السلطة بما في ذلك خلال العصر الحديث موضحا "حتى عندما فقد الرقيق الأبيض عرشه بمصر فقد ظل هو الحاكم الفعلي ممثلا في العمدة وشيخ البلد ومدير المديرية والمحافظ ومسئول الشرطة والوزير كما كان هو الأقدر على الوصول للمناصب العليا وهنا نلمس تأكيد صاحب الدراسة التاريخية على أن الذين يحكمون مصر هم من سلالة العبيد المماليك من الرقيق الأبيض وهي المرة الأولى التي يخرج فيها باحث في علم الاجتماع التاريخي ليؤكد في كتاب مطبوع بشكل رسمي على أن حكام مصر أصولهم من المماليك العبيد موضحا أن أحفاد العبيد البيض ظلوا هم وحدهم القادرين على الوصول إلى المناصب العليا بحكم تجربة أجدادهم في الحكم ويعود الكاتب إلى الإفصاح عن هوية أو عبد أبيض حاول الانفصال بحكم مصر وهو أحمد بن طولون كان هذا في سنة 868م حين استطاع تكوين دولة منفصلة عن حكم العباسيين وهو أحد عبيد الخليفة العباسي المعتز بن المتوكل ويكشف الكاتب عن تعينات الخلفاء للعبيد من الأتراك لحكم مصر بداية من الوالي علي بن يحي الأرميني الذي حكم مصر من 841 إلى 843 م ويطلعانا الكاتب على نوعين من الطبقة الحاكمة في مصر النوع الأول يسمى الترابي وهو الجيل الأول من العبيد الذي تمت تربيته والمجلوب وهو الجيل الثاني من العبيد والذي تم جلبه إلى مصر في سن متقدمة 30إلى 40سنة ثم يوضح الكاتب أن عودة مصر لحضن الدولة العباسية لم يعفيها من حكم العبيد إلى غاية قيام الدولة الإخشيدية التي أسسها أحد الموالي العباسين الذين كانوا يتلون أمر الجيش في مصر.
ويوعز الكاتب قلة إطلاع الناس على هذه الحقائق إلى غياب علم اجتماع العبيد مع أن الكتابات في هذا المجال موجودة في الفكر الأمريكي. ويقول الكاتب أن مصر أغرقت بـ24 ألف مملوك من أصل تركي في عهد ابن طولون إضافة إلى 40 ألف من العبيد السود مستندا إلى كتابات المقريزي و8 آلاف مملوك في عهد الدولة الإخشيدية أما في عهد الدولة الفاطمية فتم جلب المماليك والعبيد لدعم الجيش المصري 25 ألف مملوك اشتراهم الملك المنصور و12 ألف اشتراهم الأشرف خليل.و أكثر من 12 ألف اشتراهم السلطان الناصر محمد موضحا أن كل أمير حكم مصر كان يصر على جلب الرجال"بتوعه" كما ذكر ومن هنا وردت كلمة "البتوع" في اللهجة المصرية وظلت فكرة "البتاع " و "البتوع" متورثة عبر الأجيال فكل مملوك يجلب "البتوع" "بتاعه".
الدراسة حافلة بالمفاجآت وأبرزها تراث العبيد في الألفاظ المصرية " أنت جدع" " أنت زي الفل" ..حيث يرى الكاتب أنها ليست ألفاظ تعبير مهذب بل هي مجاملة ونفاق أما كلمة الجدعنة فهي تعبير عن الخروج عن القانون والقدرة على إلحاق الأذى بالآخرين ولعل هذا ما يفسر سر الكم الهائل من التعابير التي أخرجها الإعلام المصري مؤخرا ضد الجزائريين عقب هزيمة فريق الفراعنة.
كتب:عبد السلام بارودي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]